جديد الصحراء : بقلم شيماء الدهمون
كما يحلم الطفل بوطن يعيش فيه ، نعيش نحن في وطن يدفننا ، ما دمت لم تحصل على حقك فلا أحد يحظى بحقه ، يكفي أن يدفن في أنفسنا إلى يوم مماتنا و يكفي أن يتكلف الحق بزيارتك في المنام .
فبعد ضجة "مي فتيحة" و المعطل الصحراوي"إبراهيم صيكا " و كذلك الصحراوي "محمد علي ماسيك" حيث قد ماتوا جراء الحكرة التي دفنت في داخلهم ،وكذلك الإهمال و عدم تمتيعهم بحقوقهم الأساسية و البسيطة ،كنا نعلم أن هذا لن ينتهي هناك وكنا على دراية أن هذا حال الجميع و سنسمع يوما خبرا قريب لا محال ، اليوم إختار الموت أو بالأحرى اختارت " الحكرة " ضحية جديدة لها تنحدر من الحسيمة و هو رجل ذو 31 عاما يعيش داخل أسرة تتكون من عشرة أشخاص ، " محسن فكري " كان يعمل قيد حياته بائعا بالجملة ، قد استثمر أمواله في بيع السمك لعلها توفر لقمة العيش له و لأهله .في أمل أن يقضي على بعض التهميش و البطالة التي تطال المدينة بدلا من الجلوس في أحد الأركان و التسول أو الإنحدار في طريق الاجرام ، كان قد اقتنى 5 طن من السمك من ميناء الحسيمة بطريقة قانونية و على مَرأى من الأمن و المسؤولين ، غادر و هو يخطط كم قد يجني في يومه هذا ! لكن لا شيء يبقى لحاله ،و هو في طريقه أوقفه الأمن بحجة عدم قانونية شحنته ، في تلك اللحظة استدعى مدير الأمن حاوية الازبال ، و كتب له القدر أن يلفظ أنفاسه الأخيرة داخلها بطريقة بشعة .
هذا هو الفقيد الذي تمت مصادرة صناديق أسماكه بحجة عدم قانونيتها فألقوا بها في ناقلة الازبال .
ألم تكن هناك طريقة أخرى لتطبيق القانون وحجز البضاعة سوى رميها في الأزبال، ألا يوجد في مدينة الحسيمة، دور للأيتام و ذوي الحاجيات الخاصة ، و دور العجزة ، للإستفادة منها بدل إتلافها في مطرح النفايات؟ أم أن مدينة الحسيمة تعيش في رفاهية و لا تعاني من الجوع و لا الفقر و تحظى بمستوى معيشي جيد ، استدعى رمي السمك في الأزبال بلا مبالاة !! ألم يكن حريا بالسلطات البحرية تكثيف المراقبة على الصيد الغير المرخص بحرا، و عناصر الأمن لمراقبة الشاحنات المحملة بالأسماك، بمدخلي الميناء؟ بدل استفزاز تاجر سمك برمي بضاعته في الأزبال، و إحساسه بالذل ليلقي بنفسه للهلاك في الشاحنة، لم يستطع الشاب البسيط الصمود أمام ما طال عليه من ظلم من قبل المسؤولين ليرمي بنفسه داخلها من أجل استرجاع سلعته حيث كانت كل آماله تجاهها لعلها توفر له لقمة عيش يقتصد بها في أيامه المقبلة لكنه دهس ، دهس عن قصد و بلا مبالاة ...
شر الموت أن يقتلك الوطن و تختار أن تطحن مع النفايات على أن تحيى حياة مذلة ... ويضيف شاهد عيان أن الشاب الذي توفي بالحسيمة، أن الكوميسير أمر بتحريك الشاحنة وقال له بالحرف " طحن مو"... متى أصبح الإنسان أو بالأحرى المواطن يتساوى في مقام الأزبال لكي يدهس بتلك الطريقة و أصبحت كلمة " طحن مو " سهلة النطق و الفعل ، الأن مدينة الحسيمة تغلي في هذه الأثناء.. لكن لا شيء سيتغير سيغلق الملف و سيستمرون في أعمالهم و كأن شيء لم يحدث، فالمسئولين غير مسؤولين في مهامهم ؛ سيدفن الفقيد و كلنا ألم لما عاناه و لما ينتظر كثير من أبناء شعبنا ، نسبة البطالة تزداد ، نسبة الاغتصاب ، نسبة الانتحار و الجرائم ؛ إلى متى ! لن يتغير شيء ما دام الفساد يعم أرجاء الوطن ، لن نتقدم ما دمنا غارقين في هذه القذارة ؛ أين تلك الوعود التي تلقونها على مدار أربع ساعات بدون عياء، نريد التغيير ، أن نحضى بحقوقنا الأساسية لا غير، لكن الوضع يزداد سوء ، المستشفيات في حالة مزرية حالات الاختطاف تزداد ، غياب الأمن و الأمان ، القطاعات العمومية تسير على منهج " الرشوة " نريد حقوقنا و التي هي حقوق بسيطة على كل مواطن أن يحظى بها ، نريد أن تصلكم أصواتنا و أن تسمعوها بحذر
هذه نهايتنا جميعا، ففي وطننا هذا الحقوق تأخذ لا تعطى
نريد وطنا نموت من أجله ، لا أن نموت بيده ...